بوجلود أو بيلماون : الفلكلور التراثي المغربي الأمازيغي

 بوجلود أو بيلماون : الفلكلور التراثي المغربي الأمازيغي

مهرجان "بوجلود" أو "بيلماون" من الفلكلور التراثي المغربي الأمازيغي، يرتبط بمناسبة عيد الأضحى. تمتد جذوره إلى عصور غابرة وموغلة في التاريخ القديم. ويرجح كثيرا إلى أن طقوسه واحتفالاته عريقة جدا في تاريخ وثقافة سكان شمال إفريقيا. ولها امتدادات تاريخية تعود إلى ما قبل دخول الإسلام إلى المنطقة. إذ يعتقد أن هذا الطقس يرجع  إلى عادات وتقاليد مرتبطة لفترة كان في السكان أنذاك يرتبطون بعادات وتقاليد تقديسية ترتبط بالحيوان ونمط عيش خاص ومنا الاغنام على الخصوص.

كما تختلف مسميات هذا الطقس الفلكلوري من جهة إلى أخرى؛ فهناك من يطلق عليه اسم  "بوجلود" أو "بيلماون". وتعود هذه التسمية الاخيرة إلى اللغة الامازيغية المتداولة وبخاصة بمنطقة سوس بالوسط المغربي (منطقة أكادير). وهناك من يطلق عليه اسم "هرما".

 ويجمع الباحثون في التاريخ والتراث إلى أن هذا الطقس يدخل  ضمن طقوس وعادات التقنع المتعارف عليها لدي العديد من الشعوب بكل بقاع العالم.

وتتجلى مظاهر هذا الطقس في ارتداء جلود الأضاحي خاصة جلود الماعز، والتي تصنع منها بذل يرتديها الأشخاص، وتأتي هذه الجلود من الاضاحي التي تذبح خلال مناسبة عيد الاضحى.

 أصل تسمية "بيلماون"

تعني كلمة "بوجلود"، أو "بيلماون" مرتدي الجلود، ولابسي الجلود، نسبة إلى الجلود التي يرتديها الاشخاص المعنيين والمشاركين بهذا الاحتفال.

وتختلف هذه المسميات من منطقة إلى أخرى؛ فهناك من يسميه "بوجلود" نسبة على الجلد  أو تسمية "بيلماون"، وهناك من يسميه بـ"هرما". وينتشر هذا الطقس عادة في مناطق أمازيغية عديدة بالمغرب. إذ يتم الاحتفال سنويا بهذا الطقس العريق.

ويجمع الباحثون على أن مصدر هذا الطقس يبقى مجهولا. ولا يعرف تاريخ بداية الاحتفال به على وجه التحديد بالمغرب. إذ يرجح أن أنها من الطقوس القديمة للإنسان الذي كان يعيش بهذه المناطق.

حاليا يتم الاحتفال بهذه المناسبة خلال يوم واحد ويمكن أن يمتد إلى أربعة أيام حسب الطقس المتعارف عليه وحالة البذلة الجلدية المصنوعة من جلود أضاحي العيد.

ويشارك في هذا الطقس كل الساكنة الراغبين في ذلك من البالغين والراشدين، من المتزوجين أو من العزاب. ويتم توزيع حصة المشاركة على كل الدواوير والمداشر المشاركة بالمنطقة المعنية. غير أن الإقبال على هذا الكرنفال/الطقس من قبل ساكنة المنطقة أتاح المشاركة للعديد من الساكنة. وساهم في ارتفاع عدد المشاركين إلى مئات من الاشخاص بل الالاف خلال العقد الاخير. كما أصبح يجذب مشاركين من خارج المنطقة ويستهوي زائرين من خارج المغرب؛ الذين اصبحوا يترددون على مثل هذه الانواع من الكرنفالات عبر العالم.

مسار ومكان "بيلماون" :

"بيلماون" إنه احتفال تنكري يقام في اليوم الثاني الموالي لعيد الاضحى حيث يرتدي المشاركون جلود الاضحية مع مرافقة عازفين يتجولون في الدواوير حيث يقدمون فرجات ويتلقون مقابلها هدايا مادية وعينية من ساكنة المنطقة. تتمثل في المنتوجات المحلية ذات القيمة والوزن الخفيف كالبيض والدجاج والسكر والقطع النقدية أيضا. وينطلق هذا الطقس بعد عصر يوم عيد الاضحى. حيث يجوب المشاركون أزقة ودواوير المنطقة، في جو من الغرابة والدهشة والفرح، الذي يشارك فيه الصبية الذين يتتبعون مسار "بوجلود" أو "بيلماون". حتى الوصول إلى الساحة الرئيسية للمدينة أو الدوار، حيث يتجمع كل الساكنة لمشاهدة والاستمتاع  بهذا الطقس الغريب. حيث يتقمص المشاركون شخصيات معروفة غالبا لدى الساكنة المحلية. ويقومون بتمثيل أدوار مختلفة ومتنوعة يأخذ طابع الهزل والسخرية يروم إضحاك الساكنة وخلق الفرجة والمتعة. وفي مقابل ذلك تقوم الساكنة بمنحهم الهدايا والعطايا والتي تكون غالبا رمزية متواضعة حسب المستوى المعيشي للساكنة المحلية. وينتهي هذا الطقس بإقامة وليمة شعبية محلية يحضرها عدد كبير من المشاركين وأفراد "بيلماون" .

ومن خصائص هذا الطقس/الكرنفال أن كل المشاركين والمشاهدين له يخضعون لضوابط، يلتزم بها الكل في إطار الأعراف والتقاليد المتعارف عليها بالمنطقة.

وبفعل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي يعرفها المجتمع المغربي خلال الحقب الاخيرة، فإن هذا الاحتفال التقليدي، الثقافي عرف أيضا مجموعة من التطورات التي همت أشكال الاحتفال به وطرق اللباس وأنواعه وأشكاله. فقد كان هذا الطقس يتم ضمن حيز جغرافي صغير كالدوار أو المركز الصغير. أما الآن فقد بدأ هذا الاحتفال يتجه نحو شكل كرنفالات حضرية تقام بالمدن والحواضر بالمنطقة، وبمشاركة ساكنة المدن.

تراث ثقافي مغربي أمازيغي نحو العالمية :

يبقى "بيلماون" طقس من الطقوس الشعبية التراثية لساكنة المغرب وشمال افريقيا؛  والذي عرف النور منذ قرون بالبوادي بالمغرب. والذي يهدف إلى خلق نوع من التنشيط الثقافي في المناطق المعنية، ونشر مظاهر الفرح و البهجة بين السكان المحليين، كما يعد فرصة عامة للاحتفال الجماعي، ومحطة أساسية لتنشيط السياحة الداخلية والخارجية. كما يعد محطة أساسية لجذب زائرين من داخل ومن خارج البلد.

وبفضل الاشعاع الكبير  الذي أصبح يعرفه طقس/احتفال "بيلماون" أو"كرنفال بوجلود"، كثرات تقافي مغربي أمازيغي، إذ يعد جزءا لا يتجزأ من تاريخ المغرب وحضارته العريقة؛ وهو  ما يستدعي العمل على تثمينه وإدراجه ضمن لائحة اليونيسكو للتراث الإنساني اللامادي". كثرات انساني عريق.

تعليقات



الموافقة على ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط ليقدم لك تجربة تصفح أفضل. باستخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط

قراءة المزيد